
سامحونى على عرض هذه الأحداث المؤلمة و لكنى أحاول تقليص التفاصيل و عرض الحالة بأوضح صورة لتدركن معى كيف يسفر الجهل التربوى عن كتل نفسية يصعب فك شفراتها و تحليل أسبابها العميقة ؟
نكمل أحداث القصة ، و أتمنى أن تأخذن منها الفائدة و العبرة . و نراقب معاً حساسية و عمق العلاقات الإنسانية و خاصة الأسرية منها .
تعرض ريم للكثير من العنف و الرسائل السلبية جعلها تشعر أنها بالفعل إنسانة سيئة و لا تفلح فى شئ مطلقاً ، حرمانها من الأحاسيس الطيبة و مشاعر الود و الألفة و حتى من أبسط كلمات الشكر أو الثناء و التشجيع ، حولها من فتاة رقيقة هادئة إلى فتاة غاضبة تثور و تعترض على كل شئ بدون سبب فقط لتبرهن للجميع أن لها إرادة و تتخذ قرارات شخصية حتى لو كانت خطأ.
بالطبع رافق هذه المرحلة الكثير من الإنحرافات السلوكية ( كذب / إدعاء / عِند / تصنع المرض / وغيرها الكثير من التصرفات الخاطئة التى لا تهدف لشئ سوى الإنتقام البطئ من الأهل برؤيتهم قلقين أو وضعهم فى موقف سئ !!!

و الأخطر من كل هذه الأعراض هو البحث عن أى كلمة حب أو إطراء من أى إنسان بصرف النظرعن مصداقية أو أخلاق من ينطق بهذه الكلمات . فهى تفتقر لأى كلمة إعجاب أو مديح تشعرها بالتقدير أو التميز، تبحث عن قيمة و تقدير فى عيون أى شخص . و النتيجة الطبيعية للوحده و الجهل و السير بلا هدى و لا رعاية نفسية سليمة فى هذه المرحلة الحرجة ، و وسط هذا الضباب و التخبط تعرفت ريم على مجموعة من الفتيات ( شلة سوء ) . و بمجرد أن شعرت ريم بالقبول و التقدير من قبل هذه المجموعة الفاسدة التى لم تنظر إليها سوى أنها صيد سهل للتسلية والسخرية بنية إستغلال سذاجتها إلا أن المسكينة وجدت الأمر جديد و شيق فهى لأول مرة تجد نفسها ضمن مجموعة من الأصدقاء دون إكتراث لسوء أخلاقهم ، بدأت تتعلم كيف تكذب بإحتراف على والديها ، كيف تتغيب من الدروس و تهمل فى دراستها !!!
وغيرها الكثير من السلوكيات المدمرة التى لم تمثل فى نظر ريم سوى تمرد على واقع أليم عانت منه لسنوات فى صمت .
و بالطبع رفقة السوء لم تترك ريم كما هى خجولة منعزلة بل جاء دور التعرف على شاب لتعيش قصة حب و تصبح مثل باقى الفتيات !!!
جهل تربوى + عزلة نفسية + إنعدام التفاهم و التحاور البناء + رفقة السوء = مستقبل غامض الملامح لا يبشر سوى بإنسانة مريضة منعدمة الشخصية تبحث عن إشباع للأحاسيس و إرضاء للمشاعر بالقبول و الحب من أى شخص كان !!!
أين الأم من كل هذه التغيرات ؟
هل تحدثت بلغة الصديقة لتفصح إبنتها عما يجول بخاطرها بأمان ؟

وقعت ريم فى شرك الحب الحرام ، و بعدما تعلقت ريم بهذا الشاب و صدقته لسذاجتها و قلت وعيها و رسمت حلمها الوردى للخروج من السجن الأسرى لتحيا فى جنة الحب مع روميو المزعوم . صدمت بشده و عانت من حالة إكتآب ، بل و حاولت الإنتحار عندما إكتشفت خداعة لها و أن الأمر لا يتجاوز خط التسلية و الصداقة من وجهه نظره !!!
وهنا أتساءل :( هل توقفت الأم لتفكر و لو لدقائق ما الدافع الذى جعل إبنتها تقبل على هذا الفعل الشنيع ؟
هل حاولت التقرب منها و معرفة ما الذى يؤلمها لهذا الحد ؟
بل كان رد فعل الأم الذى لم أصدقة شخصياً ( أنها أعطت ريم ألوان من الإهانات و الكلمات الجارحة وسيل من الدعوات بالموت لترتاح من مصائبها التى لا تنتهى و أكمل الوالد كورس التربية بالعقاب لمدة شهر دون خروج من غرفتها حتى تدرك قيمة النعمة و الثراء الذى تعيش فيه !!!
خرجت ريم من هذه الفتره بشخصية أكثر حقداً و حزناً ، تنظر لكل من حولها نظرة سوداوية لا ترى الحب و لا الإحترام من أحد حتى أنها فقدت حبها لنفسها لعلمها بقبح ما تفعل فهى تعيش فى ضياع نفسى و أخلاقى و الغد مظلم فى عينيها !

و كما يقولون كثرة المساس تفقد الإحساس فإن كثرة الجفاء و سوء المعاملة التى تربت عليها ريم جعلها تفقد شعورها بالخوف أو القلق مما قد يحدث فهى فى جميع الأحوال ستعاقب !!!
تتنقل حالة ريم النفسية و مستواها الدراسى من سئ لأسوء
قد تخمن إحداكن الهدف من عرض قصة مأساوية من هذا النوع و الفائدة من معرفة جوانب حياة فتاة يائسة مثل ريم :-
♥ ربما لنعلم أن تربية الأبناء مسؤولية عظيمة تحتاج لفهم و وعى .
♥ ربما لنزيل اللبس المحيط بمصطلح التربية المثالية ؟
♥ أو لنوضح خطورة العنف الأسرى ؟
♥ أو لنعى أن التراكمات الصغيرة تصبح بمرور الوقت عقد كبيرة قد تدمر مستقبل إنسان بسبب الجهل السائد بأصول التربية ؟
كلها توقعات صحيحة و لكننى أهدف لأعمق و أكثر من ذلك ☺ ، سنكمل معاً فى الجزء الأخير خطوات إعادة بناء و هيكلة الشخصية و تعديل القصور فى نفسية ريم .
و الفرق بين التهذيب بحب و الإكراه .
و أخيراً سواء كنتى أم أو أخت أو فتاة مقبلة على الزواج ، أتمنى أن تعتبرى بريم و تتعلمى من أخطاء والدتها و تبحثى عن أسس التربية السليمة و تعرفى التصرف الحكيم الذى يملية عليك دورك كأم و راعية و مسؤولة عن أبناءك لأنك ستقفين بين يدى الرحمن و تُسألين عن هذا الدور الذى كلفك الله عز و جل به ، فلا تعقِ أبناءك فى الصغر و تنتظرى برهم عند الكبر !!!
يتبع بإذن الله ♥♥♥
تأليف : أ / نسمة النادى .
من فضلك : لايك لصفحتي علي الفيس بوك من هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق